مشقيتا التي يعشقها الجميع...عروس جبال اللاذقية

رحلة الحلم : "مشقيتا" ياأجمل ما رأت عيناي و استنشقت أنفاسي

"مشقيتا" ، اسم يجهله الكثيرون ، حتى السوريون أنفسهم داخل سوريا أو مغتربها ، إنها قرية صغيرة تقبع بوداعة في حضن الساحل السوري .



في كل صيف نزور الوطن نذهب إلى أحد مناطقه السياحية الخلابة ، لننصهر بالجمال و نذوب في سحر طبيعتها و نسبح الخالق لقدرته في روعة الإبداع و نشكر له هباته الكريمة لبلادنا .

نصحنا بعض أصدقائنا للذهاب إلى "مشقيتا" ، و كانوا قد عادوا للتو منها ، مأخوذين بجمالها .
.

أشهد بالله أنني التقطت أنفاسي عندما وصلت إلى "السدير" و جلست في شرفتـه ، فندق عائلي لطيف يقع بوداعة ضمن غابات الصنوبر البكر على امتداد البصر ، كما يحضن السدير مياه النهر الكبير الشمالي و روافده ليشكلوا بحيرة تشرين المترامية الأطراف .

تمتزج خضرة غابات الصنوبر المتعانقة مع زرقة مياه البحيرة لتذوبا في السماء الحانية عليهما ........ قطعة من جنان الله في أرضه .

ينتابك شعور غير اعتيادي حين دخولك بهو الفندق ، لوحات جدارية نافرة تغطي أغلب الجدران و السقوف و تمثل سبعا من الحضارات التاريخية التي تتالت على أرض سوريا العظيمة ، و تنتصب تماثيل عديدة لشخصيات الماضي البعيد مازالت بصماتها واضحة على الإنسان السوري الأبي . كل تلك الأعمال الفنية ممهورة باسم معد الراهب .

بينما و نحن نتفرج مشدوهين بتلك الجماليات يستقبلنا وجه متبسم ، غربته السنون عن سوريا الطيبة ليستريح المحارب آخر المطاف في "مشقيتا"، أرض آبائه و أجداده . يسلم علينا "العم هلال" كما يناديه موظفو الفندق و دلة القهوة العربية تسبقه بالكـرم العربي ، دعانا للدردشة في غرفة الاستقبال ، هو هلال الراهب أحد رجالات سوريا الذين خدموها بالحرب و السلم ، حيث بعد أن ترك الجيش عمل في السلك الدبلوماسي السوري في عدة دول حتى أنهى حياته المهنية كرئيس للبعثة الدبلوماسية السورية في السنغال ، تكلم بحب قدسي عن مشقيتا مسقط رأسه ، ضيعته الوديعة التي يفخر بانتمائـه إليها ، كما يفخر بأولاده سحاب وواحة و صبا و الفنان معد الذي طرز كل مكان في الفندق ليعبر عن حبه لوالده .

"مشقيتا" إنه اسم خلاب و لكل منا "مشقيتا" باسم مختلف يعود إليها بعد أن تطحنه الغربة ....... فمنا من يترك سيرة طيبة في نفوس الناس ليرتاح في ضيعته آمنا سعيدا ، و منا من يذهب مذموما مدحورا يعض أصابعه ندما و لا تنفعه براءة طبيعة قريته لغسل سواد نفسه .......

مهما وصفت الطبيعة في مشقيتا لن أفها حقها ، يكفي أن تتذكروا أحداث مسلسل الجوارح و الكواسر و خلفياتها الطبيعية لتعرفوا عن ماذا أتكلم ، حيث صورت أغلب المشاهد عند حافة البحيرة و ضمن غابات الصنوبر ، بل أن الفنانة السورية سحاب الراهب ابنة العم هلال قد صممت ازياء بعض شخصيات هذه المسلسلات و هذا إن دل على شيء فيدل على انصهار روحي بجذور العائلة وتراب المنطقة .

تنقلنا مشيا على الأقدام لنستكشف المكان و نزور مواقع تصوير المسلسلات التي حازت على إعجاب كل المشاهدين العرب .

بدأت الشمس تغيب ، منظر و لا أروع ، يقف الزمن في هذه اللحظات ، المغيب يبتلع الشمس و تحتار أين تختفي ،،، هل خلف الصنوبر الشاهق أم تغرق في أساطير البحيرة .

ألوان المياه و السماء اللازوردية تتزواج بحمرة التربة و خضرة الأشجار، لتشكل لوحة ربانية تمتع نظرك بها صباحاً و أنت ترتشف القهوة و تستمع "يا شام" من صوت فيروز الفيروزي ، البحيرة يلفها بخفر و غموض الضباب الآسر....... ، بحر من الجمال تغوص في أعماقه.....

رحلة اسبوع في "مشقيتا" الوادعة نقلتنا إلى عالم السحر و الأساطير و حصلنا على زاد لا يكفينا في غربة عام لنجددها في العام التالي ..... عسى اللقاء يتجدد .

منورة الموضوع يا دمعة وهذه الصور الجميلة هدية مني لك ولكل اعضاء منتدانا الغالي