التشبية بالحروف فى الادب الاسلامى

من طرف ???? الأربعاء مارس 31, 2010 8:06 am

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
	التشبيه بالحروف في الأدب الأسلامي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] اكتسبت الكتابة أهيمة خاصة في جميع الأديان، اذ انعكست عليها قداسة الدين نفسه، فضلاً عن المعتقدات الشعبية المتوارثة منذ العصور البدائية حول الكتابة. فقد وحد الانسان بين الكتابة -منذ عرفها- وبين السحر والاسرار.. ووحد بين الحروف والكلمات وبين ما تحمله من معان و دلالات.. واعتبر الخط منذ البدء وسيلة لحفظ الكلام الالهي، وحتمت جميع الأديان على من يقوم بنسخ كتاب مقدس.. أن يكون الكامل والطاهر، وحياً وجسدياً، وما زالت المعتقدات الشعبية حتى يومنا هذا تعتبر عملية الكتابة مهمة مقدسة.. وقد اكتسب الخط العربي بالطبع قداسته من قداسة القرآن، وفضلاً عن نظرة الاسلام الخاصة الى الكتابة والكتّاب، فالاسلام هو أول من فرق بين أهل الكتاب ((أصحاب الديانات السماوية)) وبين اصحاب الديانات الأخرى، والآيات القرآنية والاحاديث الشريفة التي تشير الى اللوح والقلم والكتاب والسطور كثيرة ومتعددة. وعندما انتشر الاسلام بين الشعوب غير العربية، انتشرت معه الكتابة العربية وتقديس الاسلام لها وتأكيده على أهميتها. ولأن الاسلام كان يمثل بالنسبة للشعوب التي اعتنقته واقعاً يومياً وليس مجرد طقوس روحية، فقد تغلغلت الكتابة والخط العربيان بالتالي في حياة الشعوب الاسلامية وأصبحت جزءاً لايتجزأ من حياتهم اليومية، في البيت والعمل والمسجد، وتركت الحروف والكلمات العربية في الشعوب التي اعتنقت الاسلام اثراً ضخماً، امتزج بتراثهم الحضاري والشعبي وانعكس على قيمهم الجمالية والروحية.. ((ولعل أعمق تلك التأثيرات التي تركها الخط العربي في ثقافة الأمم الاسلامية، هي تأثيراته في الفنون الزخرفية والمعمارية، فضلاً عن اثره الضخم في الأدب والتصوف)). وقد انتقلت تلك التأثيرات الى الأمم التي لم تعتنق الاسلام عبر تفاعلها مع الثقافات الاسلامية سلباً وايجاباً منذ العصور الوسيطة وحتى عصرنا الحاضر. فمن تأثر ناسخي الكتاب المقدس في العصور الوسطى الذين حاولوا تقليد الخطاطين المسلمين من ناسخي القرآن، الى تأثر الفنانين المحدثين جماليات الخط العربي ومحاولتهم استلهامه في تكويناتهم الشكلية، وقد خصصت مجلة تسمى باسم (مفكر وفن) عدداً من دراساتها حول موضوع تأثير الخط العربي في الثقافة الاسلامية. ((وسنعرض اليوم للدراسة المخصصة عن اثر الخط العربي في الأدب والشعر والمعتقدات الصوفية عند مسلمي تركيا وايران والعرب)). فبالاضافة الى اعتبار الخط العربي وسيلة للمحافظة على الكلام الالهي وعاملاً هاماً في نشر الدين الاسلامي. ((اعتبر الخط ايضاً شيئاً مقدساً في ذاته ورمزاً يطلب الحل)). وتوالت الكتب التي تبحث في الكتابة وأدب الكتّاب منذ (الصولي) في العصر العباسي الى (القلقشندي) صاحب ((صبح الأعشى)) في العصر المملوكي في مصر.. وقد اشتملت تلك الكتب على ما ينبغي على الكاتب الالمعي أن يعلمه من علوم دينية ودنيوية حتى يصبح جديراً بصفة الكاتب.. الى جانب ما اشتملت عليه تلك الكتب من أخبار أساتذة الخط العربي الذين أبدعوا طرزاً جديدة وأصلحوا في الاساليب الموروثة أو كانوا بارعين في حسن الخط فحسب وكانت الصفات التي تسبغ على الكتّاب في الشعر تستمد من عملية الكتابة ذاتها، فعندما أراد الشاعر أن يرثي ((ابن البواب)) وهو أحد الكتّاب المشهورين قال: واستشعر الكتاب فقدك سالنا فجرت بصحة ذلك الأيام فلذلك سودت الدوى وجوهها أسفاً عليك وشقت الأقلام وقد امتدت نظرة العرب هذه الى الكتابة كما قلنا الى الأمم الاسلامية التي اتخذت من الخط العربي وسيلة للكتابة كالايرانيين والهندوستان والأتراك حتى عام (1928) وهو العام الذي استبدل فيه أتاتورك الحروف اللاتينية بالعربية.. ومن أنواع الخطوط التي ازدهرت في ايران والهند ((خط الطومار)) و((الريحاني)) وخط ((الغبار)) و((الثلث)) و((المكسور)) و((الديواني)) الى جانب الخطوط التي برع فيها الخطاطون العرب قبل ((الخط الكوفي)) و((الكوفي المزهر)) أو ((المعقد)) كما برع الخطاطون المسلمون في خلق تركيبات صورية من الحروف الهجائية أو من كتابة بعض الجمل بطريقة خاصة مثل كتابتهم للبسملة في شكل طائر. الحروف والتصوف بدأت علاقة المتدينين والصوفية بحروف الكتابة في البداية كبحث عن الثواب في الاخرة وكجزء من علاقتهم، بما تدل عليهم تلك الكتابة من معان مقدسة تحملها الكتب الدينية، وقد اشترك كثير من الملوك والأمراء مع الزهاد والمتصوفة في هذا الفضل.. فضل نسخ القرآن الكريم -تقرباً الى الله وسعياً لارضائه- ثم تطورت العلاقة بين بعض المتصوفة من غير العرب وبين الحروف في ذاتها فشغلوا أنفسهم في البحث عن مدلولاتها ومعانيها المستورة سعياً لفض الأسرار للآيات القرآنية.. فقد وقفوا طويلاً أمام بدايات بعض السور بحروف مثل ((طه)) ((ألم)) واسبغوا على هذه الحروف قيمة خاصة وحاولوا التوصل الى معانيها الخفية بالعديد من الرياضات الروحية أو بالاستعانة بالعلوم القديمة مثل علوم (الوفق والجفر) تلك العلوم التي ورثوها عن تراثهم السحري والاسطوري. أو بالاعتماد على الكشف غير المسبب في تفسير هذه الحروف مثلما فعل جلال الدين الرومي في تفسير ((ألم)) بعصا موسى.. ووصلت العلاقة بين المتصوفة والحروف الهجائية الى قمتها في المذهب الصوفي المعروف بمذهب الحروفية(1).. مثلما فعل الشاعر الصوفي التركي علاء الدين ويزه في قصيدته التي يقول فيها: أ- اعلم ان المقصود من الألف هو: أن تكون مع الله.. ب- اعلم ان المقصود من الباء هو: بركة باء البسملة.. ت- اعلم ان المقصود من التاء هو: تلاوة القرآن حتى تجد وحدة الذات.. ث- اعلم ان المقصود من الثاء هو: اثبت في الدين بعون الله.. ذ- معنى الذال أن تذل نفسك لله دائماً.. ع- هي العناية التي توجد بلطف الله.. وتعد هذه الطريقة امتداداً لما عرف في تاريخ الأدب بالهجاء الذهب(1).. وقد استعار المتصوفة أيضاً معنى التسطير في اللوح المحفوظ الذي ذكره القرآن ومعنى القدر المكتوب الذي شار اليه الحديث الشريف، ((جفت الأقلام وطويت الصحف)).. استعاروا هذا المعنى ووظفوه في شعرهم حسب المقام.. الخط والشعر استمد الشعراء المسلمون من الكتابة وأدواتها وأصحابها كثيراً من الصور البيانية ليعبروا بها عن أغراضهم الشعرية وذلك بفروعها، غزلاً ومدحاً أو تصوفاً.. فابن المعتز الخليفة الشاعر يشبه القلم بالسفينة وبالمؤمن الساجد: قلم ما أراه ام فلك يجري بما شاء قاسم ويسير ساجد خاشع يقبل قرطاسا كما قبل البساط شكور مرسل لا تراه يحبسه الشك اذا ما جرى ولا التفكير وجليل المعنى لطيف نحيف وكثير الفعال وهو صغير وفي الشعر الفارسي القديم يشبهون شعاع الشمس بالقلم الذي يكتب على صفحة السماء! وهم يشبهون القلم أيضاً بطير البريد طعامه من الحبر وذهابه على منقاره. والشاعر الفارسي القديم ((مينوجهري)) يشبه اثار القلم ببقايا الاطلال وهو تشبيه استمده من الشعر الجاهلي والاسلامي: رسوم الطلل والديار الدوارس كأنها توقيع الصاحب على صدر المنشور وقد وقع النسرين على أوراق السنبل كما تقع على القرطاس خطوط الكاتب أما الشاعر التركي ((جعفر جلبي)) في القرن الخامس عشر فيخاطب محبوبته: ان خط الريحاني في شفتيك أفضل من خط ياقوت أما شعراء السند فقد تطرقوا في هذه التشبيهات.. يقول أحدهم: وجهك مثل المصحف بلا سهو وغلط قد تكتبه أقلام القضاء من مسك فقط عينيك وفمك آية ووقف، حجابك مد أهدابك اعراب، خالك وشاربك حروف ونقط.. وقد وصل الشاعر التركي الحروفي ((النسيمي)) المقتول بتهيمة الزندقة الى حد اعتبار وجه المحبوب مصحفاً شريفاً على أهل التوحيد أن يجعلوه أمامهم وقرآنهم: ولم يكتف الشعراء المسلمون باستخدام الحروف كرموز وتشبيهات، بل أيضاً استعاروا النقط التي على الحروف وأدوات الكتابة ليرمزوا بها.. فالنقطة هي الخال الذي يزين وجه المحبوب: لاتظن انه خال، بل هو نقطة رقمها كاتب ديوان الجمال ويقول الحافظ الشيرازي: لا نستطيع أن، نضع نقطة خالك على لوح البصر.. فربما وجب علينا أن نطلب حبراً من انسان العين ولعل موضوع التشبيه بالحروف في الأدب الاسلامي من أوسع موضوعات هذا الأدب وأقدمها، وبامكان كل دارس لهذا الأدب أن يضيف عدداً من الأمثلة، ونسوق في النهاية ذلك البيت الذي قاله الشاعر ابن المعتز: وكأن السقاة بين الندامى ألفات على السطور قيام