حقوقك ... فالتقبيل مسموح و العقاب ممنوع ! مع قانون العقوبات في بعض الدول العربية

من طرف **سيلين** الإثنين يناير 25, 2010 8:03 pm

حقوقك ... فالتقبيل مسموح و العقاب ممنوع !

رغم تعدد المواد التي تصدت لجرائم الخطف والاغتصاب وهتك العرض والفعل الفاضح والتحريض على الفسوق والتعدي على الأنثى وإفراد عقوبات لهذه الجرائم، إلا أنها لا تكفى لمواجهة جميع أشكال التحر
ش الجنسي، بل إن هناك بعض الأحكام التي انتهت فيها المحكمة إلى تبرئة متهمين بارتكاب اعتداءات على النساء لعدم انطباق القيد والوصف وفقا للقانون على الحالة المطبق عليها.

قبلات مشروعة

على سبيل المثال عند تطبيق نص المادة 268 عقوبات في القانون المصري الخاصة بهتك العرض، وإعمال معيار العورة تثور المشكلة إذا أخذ التحرش شكل الملامسة أو إمساك أماكن من جسد المرأة لا تعد أماكن عورة، حيث رأت المحكمة أن تقبيل المرأة في خدها دون الإمساك بها لا يشكل جريمة هتك عرض لانتفاء المعيار السابق ووفقا له الخد ليس بمكان عورة للمرأة!

كذلك تطلبت المادة 268 من قانون العقوبات المصري، على سبيل المثال، حتى يكون الفعل معاقبا عليه أن يكون الجاني قد استخدم القوة أو هدد بها، أي أن فعل الملامسة مثلا لو تم بغير قوة أو تهديد كما يحدث في وسائل المواصلات العامة أو في الطريق أو أماكن الزحام، يصبح خارج دائرة التجريم ومن ثم يفلت فاعله من العقاب .

ولا يمكننا هنا أن نطلب من المحاكم والقضاة التوسع في تعريف استخدام القوة أو الإكراه، ذلك أن الأصل في النصوص العقابية أنه لا يجوز التوسع في تفسيرها بما يضر بالمتهم، الأمر الذي يؤدى إلى خروج الكثير من أفعال التحرش الجنسي من دائرة التجريم، وبناء عليه إفلات المتهمين بارتكاب جرائم التحرش من العقاب ما يؤدى إلى اتساع دائرة التهديد للنساء.

قانون بناتي

ولا يقتصر الأمر على القانون المصري، حيث نجد قانون العقوبات العماني يعاقب في المادة 218 بالسجن من خمس سنوات إلى خمس عشرة سنة، كل من جامع أنثى بغير حالة الزواج بدون رضاها سواء بالإكراه أو بالتهديد أو بالحيلة، وهنا نجد أن القانون العماني يعاقب على جماع الأنثى غير المتزوجة، أي أن أغلب أشكال هتك العرض تخرج على نطاق التجريم، حتى معيار العورة غير معمول به، وبذلك تخرج أشكال التحرش المختلفة عن دائرة التجريم ويفلت مرتكبوها من العقاب.

أيضا جمعت المادة 354 من قانون العقوبات الإماراتي جريمتي الاغتصاب وهتك العرض معا، وشدد العقاب على الإعدام، مع عدم الإخلال بأحكام قانون الأحداث ا
لجانحين والمشردين، حيث يعاقب بالإعدام كل شخص استخدم الإكراه في مواقعة أنثى أو اللواط مع ذكر، كما يعتبر الإكراه قائما إذا كان عمر المجني عليه أقل من أربعة عشر عاما وقت ارتكاب الجريمة، لذلك احتاج الأمر إلى نص آخر للفعل الفاضح لكن نجد أن العقوبة ضئيلة جدا، فتنص المادة 358 يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر من أتى علنا فعلا فاضحا مخلا بالحياء، ويعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة من ارتكب فعلا مخلا بالحياء مع أنثى أو صبي لم يتم الخامسة عشرة ولو في غير علانية.

عقوبات هزيلة

أما قانون العقوبات السوري فقد نص في المادة 505 على أن "من لمس أو داعب بصورة منافية للحياء قاصراً لم يتم الخامسة عشرة من عمره، ذكراً كان أو أنثى، أو فتاة أو امرأة لهما من العمر أكثر من خمس عشرة سنة دون رضاهما عوقب بالحبس مدة لا تتجاوز السنة ونصف السنة". ونجد أيضا النص هنا يعاقب بعقوبات ضعيفة غير رادعة وأيضا يتناول الملامسة والمداعبة فقط، بينما الصور الأخرى للتحرش بالإشارات أو الكلمات الخادشة أو الإثارة الجنسية غير المرغوبة تخرج عن دائرة التجريم.

كما نص في المادة 506 على التحرش اللفظي بشرط أن يكون منافيا للحياء، رغم أنه يمكن توجيه الدعوة بإلحاح للمرأة بالإثارة الجنسية بكلمات يمكن ألا تعد منافية للحياء، كدعوة رجل لامرأة لأن تركب سيارة لتوصيلها وهو في الوقت ذاته يهدف إلى دعوتها إلى فعل مشين جنسي، أو يصفها بأوصاف مثيرة بعبارات غير مباشرة، فتنص المادة 506 عقوبات "من عرض على قاصر لم يتم الخامسة عشرة من عمره أو على فتاة أو امرأة لهما من العمر أكثر من خمس عشرة سنة عملاً منافياً للحياء، أو وجه إلى أحدهم كلاماً مخلاً بالحشمة عوقب بالحبس التكديري ثلاثة أيام أو بغرامة لا تزيد على خمسة وسبعين ليرة أو بالعقوبتين معاً. والعقوبات هنا غير رادعة بالمرة ولا تتناسب مع فعل التحرش الجنسي وما يمثله من اعتداء على حياء المرأة وعرضها وحريتها الجنسية.

أما قانون العقوبات الجزائري فيعاقب في المادة 333 عقوبات بالحبس من شهرين إلى سنتين وبغرامة من 500 إلى 2000 دينار جزائري كل من ارتكب فعلا علنيا مخلا بالحياء، دون أن يحدد الأفعال بشكل يمنع الالتباس، والصياغة بهذا الشكل مطاطة وفضفاضة تتسع لأشكال متعددة من الأفعال، لذلك كانت الجزائر من الدول العربية القلائل التي شرعت تجريم التحرش الجنسي بكافة صوره وأشكاله.

وعاقب قانون
العقوبات اليمنى المادة 271 بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة التي لا تجاوز ثلاثة آلاف ريال كل من هتك عرض إنسان حي بدون إكراه أو حيلة، ويعاقب من وقع عليه الفعل برضاه بذات العقوبة. بذات الصياغة الخاصة بمواد العقوبات التي تعاقب على هتك العرض واشتراط استخدام القوة أو التهديد بها أو استخدام طرق احتيالية.

وبالنظر إلى قانون العقوبات الليبي الصادر في عام 1953 وما طرأ عليه من تعديلات، نجد أن النص التجريمي الأقرب إلى التحرش الجنسي هو ذلك المنصوص عليه في المادة 408 المتعلقة بهتك العرض, وجريمة هتك العرض كما عرفتها المحكمة العليا الليبية هي "الفعل الذي يقصد به التعدي الفاحش المنافي للآداب والذي يقع على جسم أو عرض شخص آخر مادام ذلك الجزء من الجسم الذي وقع عليه الفعل يعد في حكم العورة", ومن خلال هذا التعريف يتبين أن هتك العرض لا يمكن أن يكون إلا فعلاً مادياً ملموساً لذلك الجزء من جسم الإنسان الذي يعد في حكم العورات، وهي أفعال في كل الأحوال ما دون فعل المواقعة.

كما أن نص المادة 421 المتعلقة بالأفعال أو الأشياء الفاضحة تشترط لوقوع الجريمة أن تقع في محل عام مفتوح أو معروض على الجمهور.

نخلص من هذا الاستعراض والتحليل لمواد القانون التي تعاقب على الجرائم الجنسية ضد المرأة أنها غير كافية لكي تستخدم للتصدي لجرائم التحرش الجنسي، مما يشير إلى قصور تشريعي يؤدى إلى إفلات الجناة من العقاب في كثير من الوقائع.

سيلين