موقف تربوي...

كان يصر على اصطحاب ولده في ذهابه الى الامتحان...فبرأيه أن الولد لايزال صغيرا وقد يتعرض لموقف ما خلال الطريق ربما يؤثر على أدائه...فطالب الشهادة الاعدادية قد تحصل له مشكلة ما تؤثر عليه سلبا وبشكل يستحيل تداركه ...
وفي يوم امتحان الرياضيات ...شرع الطالب بالدراسة الجادة فور انتهائه من المادة السابقة ...فهو طالب شاطر فيها ويريد أن يحصل العلامة التامة...سهر حتى وقت متأخر من الليل ...واستيقظ مبكرا في اليوم التالي وتابع الدراسة ...ولم يشعر بمرور الوقت ...وفجأة انتبه الجميع الى الساعة...يا الهي ...؟؟؟لقد بقي عشر دقائق ليبدأ الامتحان ...؟؟؟
تم استدعاء سيارة تكسي بسرعة...ركب الأب وابنه فيها وطلبا من السائق السرعة...وعندما وصلا أمام قاعة الامتحان كان قد بقي ليبدأ الامتحان اربع دقائق...
تنفس الاثنان الصعداء ...الحمد لله لقد وصلا في وقت مناسب نوعا ما...وقبل أن يدخل الطالب الى القاعة ساله والده بعد ان تمنى له امتحانا موفقا : هل نسيت شيئا يا بني...؟؟؟
وهنا كانت المفاجاة ...؟؟؟
فتش الطالب بسرعة...أجل لقد نسيت علبة الهندسة....؟؟؟
في هذه اللحظة ...ولثوان ...انتاب الوالد انفعالان:
الأول : أن يصفع ولده كفا على خده يسقط له فيه بعض اسنانه عقوبة له...فمن يذهب الى امتحان الرياضيات دون علبة هندسة كمن يذهب الى الحرب دون سلاح...وهذه الصفعة تفرغ الشحنة الانفعالية التي اعترت الأب...
الثاني : هذه العقوبة في حال حدوثها لن تغير من الموقف شيئا بل ستزيده تعقيدا ...وسيدخل الطالب الى الامتحان متوترا مهانا وسوف يؤثر ذلك على ادائه ..وان تفريغ الشحنة الانفعالية للوالد لن يحضر علبة الهندسة...
وتم حسم الأمر ...ابتسم الوالد في وجه ولده وقال له : الأمر بسيط جدا يابني ...في سلم التصحيح يدققون في الحل الصحيح وليس في دقة الرسم...فلو كان مستقيمك منحنيا قليلا ودائرتك بطيخة وكان حلك صحيحا فسوف تنال العلامة التامة ...فاطمئن من هذه الناحية ...
دخل الطالب قاعة الامتحان في اللحظات الأخيرة قبل توزيع الأسئلة...بينما ذهب الأب الى مكتبة قريبة حيث اشترى علبة هندسة...وطلب من الآذن ايصالها الى الطالب في مكان جلوسه...
وبينما كان الطالب منهمكا في الحل فوجئ بالآذن يسأل عنه ويقدم له علبة الهندسة...
أنهى الطالب امتحان الرياضيات بشكل موفق...وكانت علامته تامة فيها...
كان من الأوائل على القطر في الكفاءة...ثم في الثانوية ...وهو يتابع الآن دراسته الجامعية في السنة قبل الأخيرة...
وفي بعض الأحيان يتذكر مع اهله حكاية علبة الهندسة وكأنها طرفة حدثت مع شخص آخر منذ زمن بعيد...

تسلم ايدك
شادى
التميز حليفك