أنصاف الرجال في مجلس الأمن

استكمالاً للمؤامرة " العرب أمريكية" على سوريا , واستكمالاً لمسلسل الخنوع والتبعية للصهيونية العالمية , وتجاهلاً فاضحاً لتقرير بعثة المراقبين العرب أعلن التابع " نبيل العبري" وباسم الجامعة العربية وعلى رأسها راعي الحمير بالدوحة قراره بتجميد عمل البعثة العربية العاملة في سوريا حيثُ جاء قرارهُ بعد أيامٍ قليلةٍ من توقيع قرار تمديد عمل البعثة شهراً آخراً وبموافقة الحكومة السورية , متذرعاً بحججٍ واهيةٍ لا يقبلها حتى العربي نفسهُ علماً أن قرار التجميد ترافق مع تصريح رئيس البعثة الفريق " الدابي" أن أعمال العنف والقتل والتدمير تضاعفت بشكلٍ فظيعٍ خاصةً بعد تقديمهِ التقرير لمجلس الجامعة العربية , التقرير الذي أغضب مشيختي الدوحة والرياض وجاء عكس توقعات أمراء الرمل , حيث سارعتا وعلى الفور بإعلان سحب فريقي مراقبيهم من البعثة والذهاب في حقدهما وشيطنتهما إلى أسيادهم في واشنطن رغم أنّ الجمهورية العربية السورية وبشهادة فريق المراقبين التزمت بكل بنود البروتوكول الموقّع بينها وبين الجامعة العربية والسؤال الذي يطرح نفسهُ بقوةٍ هو : لماذا تم إعلان التمديد لفريق البعثة شهراً إضافياً إذا كان العبري وأشياخه سيجمدانهُ بعد أيامٍ قليلة ؟ ولماذا هذهِ المراوغة المفضوحة والرخيصة منذ إقحام الجامعة نفسها في مهزلة عربان الخليج وأحفاد السلطان عبد الحميد ؟
إذاً وبكلِ لؤمٍ وعهرٍ وحقد قررت الدوحة والرياض وأذنابهما في المنطقة اللجوء إلى الفزاعة الساقطة " مجلس الأمن " في محاولةٍ مبنيةٍ على فشلٍ ذريعٍ استمر عشرة أشهر ظنّاً منهم أن مجلس الأمن هو من سيحفظ لهما ماء الوجه , وتوقّعاً منهم أنّ مجلس الأمن وبفشلهِ المستمر طيلة عقود سيعمد هذهِ المرة ومن ورائه " حلف النيتو" إلى إصدار قرار يغيّر بموجبهِ خارطة المنطقة بأسرها وخاصةً سوريا . غير أنّ ما تجاهلهُ رعاة الإبل في الدوحة والرياض هو أنّ مجلس الأمن بكلّ قراراته لم يحصد سوى الفشل والعجز وخاصةً القرارات الدولية الصادرة بحقّ إسرائيل وإجرامها , كما أنّ ما غاب عن مشائخ العهر هو أنّ هناك العشرات من القرارات التي أصدرها مجلس الأمن أكل الزمانُ عليها وشرب وخاصة القرارات المتعلقة بفلسطين والأراضي العربية المحتلة حيث لم يتم تنفيذ بنداً واحداً منها ورغم ذلك تتوجه قافلة الرعاة إلى مراعٍ أكثر خصوبةٍ وأفسح مساحة لتكمل مشروع عهرها وخيانتها ولكن على مستوى العالم هذهِ المرة .
غير أنّ المضحك في المسألة برمتها هو المشروع الذي تقدّم به "أنصاف العرب" وأعني هنا صيادي السمك في البلاط المغربي ذاك المشروع المعلّب في محاولةٍ منهم لتغيير نكهةِ الحقد والكره الخليجي من خلال إضافة بعض التوابل المغربية ذات المنشأ اليهودي , وهنا لا بدّ من طرحِ بعض التساؤلات المنطقية – وإن ابتعدنا قليلاً عن الموضوع الأساس- عسى فخامة ملك الرباط وبلاطه العتيد أن يتحفونا ويلقوا لنا بعض الأضواء عليها وهي : هل تمكن ملك المغرب وأسلافه من تحرير مدينتي "سبته ومليلة " وأعادوا لهما الكرامة والشرف والعزّة ؟ وهل ضاقت المملكة المغربية بالحرية والديمقراطية والعدالة بحيث لم تعد قادرة على استيعاب مظاهر المدينة وحقوق الشعب وبالتالي تحاول تصدير أنموذجها الفريد إلى دول العالم ؟ وهل أُعطي الشعب المغربي كافة حقوقهِ بحيث يستطيع أي شخص في المغرب أن ينافس الملك السادس على عرشهِ أو أن يكون مستشاراً أو وزيراً أو نائباً ؟ والأهم من ذلك هل أعاد مجلس الأمن لهم أراضيهم السليبة ؟ فنحن لم نسمع ولو حتى بقرارٍ صادرٍ عن مجلس الأمن بخصوص " سبته ومليله " أم أنّ الملك العادل والرحيم قرر وبفرمانٍ فريدٍ منح المدينتين لنظيره الإسباني عربون محبّةٍ وصداقة ؟ أم أنّ دم الملوك والأمراء يحن لبعضهِ وبالتالي تلاقت مشاعر وعواطف مشائخ قطر والدوحة في الخليج المرهون مع مشاعر مشائخ الرباط في المحيط المطعون؟
لماذا لم يقتنع جلالة الملك بتقرير البعثة العربية علماً أنها ضمّت العديد من الشخصيات المغربية ؟ وأين كان فخامتهُ عندما كانت ليبيا تُقصف من بارجات النيتو؟ وأين كان مشروعهم العروبي عندما قسّم السودان ؟ وأين هم الآن عن فلسطين ؟ هل استيقظ جلالة الملك الآن ؟ وهل تفجّرت حميّته على وقع إجرام وإرهاب النظام بحق الشعب كما يتوهمون ؟ وهل يمتلك بلاط الرباط عيني زرقاء اليمامة بحيث لم ير سوى العنف الذي يرتكبه الجيش بحق الشعب السوري ؟ ومن باب الفضول نتمنى أن يسمح لنا بلاط جلالة الملك أن نسأل هل كُتِب المشروع باللغة العربية أم الفرنسية ؟ حبّذا لو يشرحون لنا ! أم أن المشروع بكل بساطة تمّت كتابتهُ في السفارة الإسرائيلية في الرباط ومن ثم أرسلَ لفخامة الملك ليتم تقديمه على أنّه مشروع عربي وضمن البيت العربي الذي لم يعد فيه سوى الأعراب والمرتزقة من وارثي العروش ومصاصي دماء الشعوب ؟ مع العذر والمحبة لكل أبناء الشعب العربي المغربي الشقيق ..
أما سوريا فلقد أعلنت قيادةً وشعباً رفضها التام لما قام بهِ أمراء الرمل من نقلهم الملف لمجلس الأمن تمهيداً لتدويل المسألة السورية متجاهلين عمداً كافة الحقائق والمعطيات على الأرض السورية , ومتناسين في الوقت عينهِ أنّ أيّ تدخل دولي في سوريا لا سمح الله سينعكس على المنطقة بأسرها , وسيمتد ليزلزل عروشهم المهترئة التي تفوح منها رائحة القهر والدماء , ولن يكونوا بمنأى عن الآثار التي سيخلّفها أي اعتداءٍ أحمقٍ على الجغرافية السورية حيثُ أنّ ما تبين لنا نحنُ السوريون وبات حقيقةً لا يمكن نكرانها هو مدى جهل هؤلاء الرعاة بتركيبة الشعب السوري وعمق انتمائهِ , واستعدادهِ للتضحية بكل شيء في سبيل الحفاظ على سوريا قراراً وكرامةٍ ووحدةً , والقيادة السورية أكدت وعلى لسان وزير الخارجية الأستاذ وليد المعلم أنّ الجيش العربي السوري سيكمل مهمته في التصدي للعصابات الارهابية التي ترتكب أبشع الجرائم بحق الشعب السوري ومؤسساته وبحقّ الجيش نفسهِ , وهذا القرار جاء تلبيةً لمطالب الشعب بأسرهِ ولن تستطيع قوة ومها كانت أن تمنع الجيش العربي السوري من حمايةِ شعبهِ وبلده , ولا مجلس الأمن ولا من يديره بإمكانهم إيقاف ذلك مهما موّلوا ودعموا , ومهما جيّشوا وحرّضوا , ولن يستطيع أحدٌ أن يُقنعنا أن رعاة الإبل ومن خلفهم مجلس لؤمهم حريصون على الشعب في سوريا بينما معسكرات مرتزقتهم تغصّ بالقتلة والسفاحين على الحدود السورية شمالاً وجنوباً . فمن فشلَ وخاب فألهُ طيلةَ عشرةِ أشهر لن يستطيع ببضعة أيام أن يحقّق ما يريدهُ ويكسر إرادة الشعب العربي السوري الملتف حول قيادتهِ والذي اتخذ قرارهُ منذ البداية برفض أيّ تدخلٍ من أيّ كان ومها حشد من قوىً ومرتزقةٍ لا يفهمون إلا لغةً واحدة هي لغة القتل والتقطيع والخطف , لغة التمثيل بضحاياهم وهذا ما لن يقبلهُ شريفٌ واحدٌ في سوريا وسينصر الله من ينصرهُ .


.. بقلم مهند علي صقور