المطران عطا الله حنا: كلنــــا مــع سورية.. الأرض المقــدسة

في الوقت الذي لم تكسب فيه أنظمة عربية متخمة بالمال والنفط من تعاطيها مع ملف القدس سوى الخزي والعار نتيجة مواقفها غير المشرّفة والمفرطة بالحقوق.
لمعت شخصيات فلسطينية وعربية لتحلق في فضاء المحبة والإخلاص والتقدير لتضحياتها ومواقفها الوطنية والقومية في الدفاع عن عروبة القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، وكما أن الذاكرة العربية لا تنسى ما فعلته أنظمة الخليج ونفذته من فصول في سيناريو التآمر على قضية العرب الأولى وتنكرها لواجباتها ومسؤولياتها العربية والدينية، فإن هناك أسماء شخصيات كثيرة حفرت بمواقفها وبأفعالها نفسها في ذاكرة ملايين المواطنين العرب وقلوبهم، بدءاً من جيل عز الدين القسام وفوزي القاوقجي وليس انتهاءً بالشيخ رائد صلاح والشيخ أحمد ياسين والمطران هيلاري كبوجي والمطران عطا الله حنا..
ففي إحدى قرى الجليل الأعلى شمالي مدينة عكا، وهي الرامة ولد المطران عطا الله حنا، حيث تربى بين كروم أشجار زيتونها التي يعود تاريخها لنحو ألفي عام، فتعلم عشق أرض فلسطين ونما على طهرها وقدسيتها وتسامحها، فنذر حياته كالمطران كبوجي خادماً للقدس ومدافعاً عن فلسطين بمسيحييها ومسلميها دون تمييز، إذ إنه في ملتقى القدس عاصمة فلسطين الذي عقد أمس في بيروت خاطب المشاركين قائلاً: التعدي على المسجد الأقصى ليس تعدياً على المسلمين وحدهم بل على كل الشعب الفلسطيني وكل الأمة العربية، وكذلك فإن التعدي على الأوقاف والمقدسات المسيحية هو اعتداء على كل الأمة فنحن أمة عربية واحدة في مواجهة العدو العنصري، داعياً إلى التوحد من أجل القدس لكي نستعيد الأقصى والقيامة ونرفع راية الحرية فوق أسوارها.
المطران حنا الذي عاد من اليونان حاملاً معه «ماجستير» في اللاهوت من جامعة تسالوينكي في العام 1991 بدأ يوسع من نشاطه في الحياة العامة دفاعاً عن القدس وما تتعرض له من انتهاكات على أيدي القوات الإسرائيلية المحتلة وخاصة عن القضية الفلسطينية والقضايا العربية عامة، وتوج ذلك في العام 2010 بوثيقة اعتبرت تاريخية تضمنت خطاباً موجهاً بعدة لغات إلى الكنائس الغربية مطالباً إياها بدعم القدس ومناصرتها لوقف الاعتداءات الإسرائيلية عليها ومنع عملية تهويدها ووضع حد للظلم والتشرد والتمييز العنصري الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني منذ ما يزيد على ستة عقود، وفيها قال عبارته الكبيرة: الاحتلال العسكري لفلسطين خطيئة ضد الله والإنسان لا تغتفر إلا بالسلام العادل وتحقيق المساواة...
هذه المواقف التي جعلته مستهدفاً- وكما هي العادة- من الكيان الصهيوني وعرضة للانتقادات والتهديدات الصهيونية والغربية المؤيدة للجرائم الإسرائيلية، قادته كما غيره من شرفاء القضية الفلسطينية إلى اللقاء مع المواقف القومية لسورية من القضية الفلسطينية ودعمها للمقاومة ولخيار السلام العادل والشامل، وهي المواقف المعبرة عن طموحات الشارع العربي، ولذلك لم يكن مستغرباً أن يصف المطران حنا ما تتعرض له سورية بالمؤامرة، فهو خبر مواقفها وسياساتها تجاه القضايا العربية عن كثب، وبالتالي فإن استهدافها هو نتيجة متوقعة في هذا الظرف العربي والدولي الخطير...
لذلك فإن جل أمنياته في مستهل رأس السنة الكنسية ومن كنيسة القيامة ما يلي: نحن إذ نذكر دير القديس سمعان في سورية لنرفع الدعاء من أجل أن يحفظ الرب هذا البلد ويصونه من كل سوء ويحفظه من المؤامرات التي تحاك ضده من القريبين والبعيدين، فسورية التاريخ والعراقة والأصالة تتعرض اليوم لمؤامرة خطيرة لا تستهدف نظامها السياسي فحسب وإنما تستهدف الدولة بكيانها وعروبتها وأصالتها، وكلنا مع سورية التي هي أيضا أرض مقدسة، منها انطلق بولس الرسول مبشراً بالديانة المسيحية, والحضور المسيحي فيها هو حضور فاعل وليس حضوراً هامشياً....نحن نصلي من أجل سورية لكي يتوقف العنف فيها ويعود الأمن والأمان إلى سكانها ، وأنه حرام ما يحدث هناك وأننا نتمنى أن تخفق مؤامرة تخريب سورية، لأن خراب سورية خراب لأمتنا وقضايانا الوطنية.