سوريا الله حاميها

هنا في كراج سيارات
السعودية – سوريا ، التقيت بالسائق أبو تركي ، يعمل على الخط منذ عشرين
عاما ، مواطن من محافظة الرقة ، رجل هادئ طيب ، صافحته ، هنأته بالسلامة ،
سلمني غرضا حمله لي من الوطن الحبيب ، ثم سألته ولساني يترطب بكلمة سوريا
الغالية ، فهم علي ، تملاني بنظراته ، ثم قال بثقة : اسمع ، ماذا قال
الرسول ( ص) عليه ، ولم ينتظرني حتى أقول له ، ماذا قال ، وتابع بلكنته
الجز راوية : " قال (ص) : بلاد الشام كنانتي ، فمن أصابها بسوء أصبته بسهم
منها " هنا سألته ،

هل الحديث صحيح ؟

فأجاب :

لا أعرف ، لكن ، من الواضح أن من
أراد خلال الفترة السابقة إصابة سوريا بسوء فقد أصابه الله بسوء ، فلقد
أصاب إعصار كاترينا أمريكا - ولا شماتة –

و اشتعلت ضواحي المدن الفرنسية
بالنار والدمار ، ولبنان لم يسلم من المشاكل ، وكل من يرد لسوريا الشر يرتد
عليه بسوء ، وهذا دليل على صحة الحديث ..

بدت أعصابه مشدودة ، وثقته بنفسه عالية ، وكنت بحاجة لكلماته التي أنهاها بما قاله الرئيس بشار الأسد " سوريا الله حاميها "

شممت فيه رائحة الوطن ، ودعته وخارطة سوريا في عينيه وعلى وجهه تسيح خيرا وحبا .

***

مساء التقيت حمود عبد الله النزال ،
زميل سعودي ، رنّ جواله في حضرتي ، وإذْ بصورة الرئيس بشار الأسد على شاشة
الجوال ، أنهى مكالمته ، ودون أن أسأله ، قال :

وضعتها بعد أن قال : " ليس بشار الأسد من يحني رأسه "

وفي أسفل الصورة كتب " سوريا الله
حاميها " . قال أشياء أخرى ، وكأن أبا تركي هو الذي يتكلم ، قابلت ذلك
بابتسامة رضا ، وعندما صافحته مودعا ، شدَّ على يدي وقال : " سوريا طلبت
رجالها "

***

ثاني يوم ، فتحت موقع على الانترنيت اسمه " شرفة القمر " وهو موقع عربي ثقافي منوع ، و إذ بعنوان عريض في أعلى الصفحة

" بالروح بالدم نفديك يا بشار"، كبست الزر ، وقرأت المقال ، وهو لـ هبة الله مشرفة القسم السياسي ،

وجاء فيه :

بسم الله الرحمن الرحيم

بالروح بالدم نفديك يا بشار

هذا الهتاف سمعته منذ أيام أثناء خطاب للرئيس بشار الأسد

و إلى هنا و الموضوع عادى هتاف شعب لرئيسه

ولكن ، وللظروف التي تحيط بسوريا و المخططات التي تدبر لها من قوى الشر لتوريطها في قضية اغتيال الحريري

و المناخ العام الذي يذكرني بما قبل غزو العراق

فقد تفجرت داخلي تساؤلات :

هل هذا الهتاف يمكن أن يتحول في يوم إلى هتاف يذكرنا بالماضي ؟

فلا أدرى لماذا اشعر إن التاريخ يعيد نفسه ونفس المشاهد تتكرر أمامي

و نفس التحذيرات و التهديدات الأمريكية على لسان وزراء خارجية أمريكا من كولن باول أيام العراق إلى كوندليزا رايس هذه الأيام

ونفس المشهد العربي و الصمت العربي
، مع الفارق في المواقف فصدام أخطاءه و وقوعه في الفخ المنصوب له بغزو
الكويت ، و توابع هذا الغزو كانت مبررا للقادة العرب بالتنصل من مسئولية
الدفاع عن العراق.

أما سوريا ، فما المبرر للصمت؟

فلم اسمع قائدا عربيا يخرج ليعلن مساندته للشعب السوري و قيادته

و قد آلمتني جمله في خطاب الرئيس السوري بشار الأسد( ولما نراه من ضعف الموقف العربي فعلينا الاعتماد على الله و على أنفسنا فقط

ساعتها شعرت بعجز و ألم

يا عرب سوريا اليوم في خطر

و واقعه بين فكي الأفعى

أمريكا و إسرائيل

و نحن بصمتنا و خنوع قادتنا نقدمها وجبه سهله لها

فقوموا و انصروا سوريا قبل فوات الأوان

قوموا وانصروا أخاكم ظالما أو مظلوما

فلا تدعو اليأس مما يحدث في العراق يجعلكم تستسلمون للقادم

و اقل ما نفعله هو الدعاء

اللهم انصر إخواننا في سوريا على أعدائهم

اللهم جمعهم ولا تفرقهم

اللهم لا تكل أمرهم لظالم

و انصرهم نصرا مبينا..)

واضح أن الكاتبة متحمسة ، وجاءت
ردود متباينة على مقالها ، وخاصة من الكتاب السوريين ، فبعضهم كان
راديكاليا وعارضها ، وكأنه لا يرى ماذا حملت أمريكا إلى العراق من خراب
وتدمير ، ولم يتفهم موقف سوريا ، وبعضهم الآخر تعاطف معها ، وفريق ثالث
أيدها ، ودافعتْ عن موقفها باعتزاز ، ولا يزال المقال بين أخذ ورد من قبل
متداخلين كثر ، وأصرت هبة الله أن " سوريا الله حاميها " ..

صوت ثالث عربي أصيل ، وغير مستغرب
من القاع الاجتماعي العربي ، وتداخلت قائلا : نعم ، نطالب السلطة بإصلاحات ،
وهذا مطلب شعبي وجماهيري ويتم ذلك بالحوار الداخلي ، أما أن نقبل بأمريكا
وربيبتها إسرائيل، كبديل - لا سمح الله – للتدخل في شؤوننا ، فذلك خيانة
عظمى ، لأنهما عدو ، ويمارسان حقدا ووحشية ضد المجتمع السوري ككل ، ولا بد
من مجابهة مخططاتهم، بقوة ، و لا بد للجميع من التمييز بين العدو وأهل
الدار ، فنحن أدرى بشؤون بلادنا ، وإذا كانت الحكومة مطالبة بالإصلاح وغيره
، فلا يعني ذلك على حساب استقلالنا الوطني .

د. أسد محمد